السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هذه قصة الفداء لنتعرف ما ذا حدث بهاكايات ونوادر يمنية على أجزاء وبناء على طلب الأعضاء في الصفحة أقوم الآن بنشرها كاملة .. أتمنى أن تنال الإعجاب
في أحد أحياء صنعاء القديمة وعند خروج الحاج عبدالرحمن مجلي صاحب محل العطارة لصلاة الفجر في الظلام الدامس حيث لم يكن في ذلك الوقت كهرباء وكان ممسكا بفانوسه الصغير الذي عفا عليه الزمن بيده ويتعكز باليد الأخرى على العصى التي ورثها من أباه وظهره المنحني من أثر الشيخوخة فكان ماشيا في الحي وفجأة أصطدمت عصاه بجسم غريب قرب الفانوس وأنحنى ليرى ماهو هذا الشيء الغريب وهنا كانت المفاجأة ....
صاح الحاج عبدالرحمن بصوته الشاحب ياحاج علي يا محمد حسين يا أهل الحارة ياناس جو أبسروا مابه هذا العسكري مبخوت مقتول أقبل أهل الحارة ليروا مالذي حصل حيث كان بعضهم في طريقهم إلى المسجد وتجمعوا حول الجثة ليروا ما في الأمر وقد صدموا من هول المفاجأة فهذه جثة العسكري مبخوت أحد عساكر الإمام وقد كان كل واحد ينظر إلى الآخر بإستغراب وهم يتهامسون بينهم هذا مبخوت أحد عساكر الإمام لكن مالذي أتي بجثته إلى هنا ومن القاتل وتبادر إلى أذهانهم ألف سؤال وفي هذه اللحظة صاح عاقل الحارة زيد المقولي: هذه مصيبة وهلت فوق رؤوسنا فلا ندري مالذي سيفعله اسماعيل منصر عامل الإمام عندما يعلم بالخبر فرد يحيى الكبسي بائع القماش وقد كان مشهورا بخفة الدم يمكن الجن حق الإمام قتلوه لأنه خالف أوامر عامل الإمام ومارضيش يجلد مصلح محمد صديق عمره, فرد العاقل يا يحيى هذا ليس وقت المزاح, ولكن كلام يحيى الكبسي وجد صداه عند أهل الحارة فربما يكون اسماعيل منصر هو من أرسل أحد عساكره لقتل مبخوت وعندها دار في رؤوسهم ألف سؤال وسؤال....
وفي هذه الأثناء أقبل بعض من عساكر الإمام وعلى رأسهم اسماعيل منصر. مالذي أتي بهم في هذا التوقيت بالذات بالرغم أنه ليس من عادتهم أن يأتوا في مثل هذا الوقت عندها أيقن أهل الحارة أن اسماعيل منصر هو من أمر بقتله ولكنه لن يقر بهذا ولا بد أن يكون هناك كبش فداء من أهل الحارة...
أقبل إسماعيل منصر ورأي إلى الجثة باستغراب وصاح قائلا : من....العسكري مبخوت مقتول في حارتكم هل تعرفون مامعنى هذا..فقوبل هذا السؤال بالصمت من أهل الحارة فعندئذ خاطبهم بنبرة حادة: أريد أن أعرف من هو القاتل حالا وإلا أخذتكم كلكم إلى السجن فرد عليه العاقل : نحن لا نعلم من هو القاتل وقد وجدناه مقتولا فخاطبة إسماعيل بنبرة هادئة : وكيف عاقل حارة ومش عارف أيش بيحصل في حارتك ..فرد عليه يحيى الكبسي سعم إن معه مراية النسور أو بيعلم الغيب وهو مادراه..عندها أستشاط إسماعيل منصر غضبا وصاح: أنا با أخليكم تقروا بالقاتل بطريقتي ياعسكري قناف يالله شلوهم كلهم الحبس..
جاءت زوجة حمادي بائع الحبوب والذي كان معروفا بالسكر والعربدة وقد ضاقت به ذرعا جاءت لتوقظه من النوم حيث كان لا يزال نائما لتخبره بما جرى حيث إن نافذة بيتهم مطلة على الشارع وقد سمعت كلما حدث فنهرته قائلة : قوم جني شلك وأنت جالس نائم القيامة قائمة وأنت مش داري بشي فرد عليها بصوت ممزوج بتثاؤب: ماهو مالش بتصيحي خليني أرقد لش مرقدة فردت عليه : أهل الحارة لقيوا العسكري مبخوت مقتول وعسكر الإمام جو شلوهم الحبس فخاطبها غاضبا: وأنا مادخلي خليني أرقد فردت عليه: أصلا لو أنت بتقوم تصلي مع الناس وتذكر الله إن إحنا في خير وعافية لكن ما أقول إلا حسبي الله ونعم الوكيل...
خرج قاسم مثنى بائع الحلويات وكان معروفا بالحارة بإنه إنسان متدين وحكيم والتقى بعبدالملك عثمان من أبناء مدينة عدن كان قد هرب إلى صنعاء منذ فترة من ظلم الإستعمار البريطاني وهو يمتلك قهوة في السوق القريب من الحارة وتبادلا التحية:
-صباح الخير ياعبدالملك
-صباح النور والعافية أخي قاسم يالله نلحق الصلاة قبل ما تفوتنا
-هل عرفت بالذي حصل
-لا خير أيش حصل
-وجدوا العسكري مبخوت مقتول هنا في الحارة وقد أخذ إسماعيل منصر الموجودين إلى السجن
-يا الله خارجنا من إسماعيل منصر ايحين بانخلص منه
-لكل ظالم نهاية ولا بد أن يأتي عليه يوم
-لكن ضروري نروح نشوفهم
-إنشاء الله بعدما تشرق الشمس
في هذه الأثناء أذن المؤذن لصلاة الفجر وكان أهل الحارة ومعهم زيد المقولي عاقل الحارة وعبدالرحمن مجلي ويحيى الكبسي يسمعون الأذان فبادر عبدالرحمن مجلي قائلا: ذلحين أحرمونا صلاة الفجر لا ألحقه الله خير إسماعيل منصر فرد يحيى الكبسي بخفة دمه المعهودة : مابلا هو بيحسد حين مابيصليش فأنفجر الجميع ضاحكين ولكنها ضحكة ممزوجة بالألم والقهر من الظلم الذي يتعرضون له من قبل الإمام وحاشيته فبادر محمد حسين بائع النحاس قائلا: إلى متى سنظل خاضعين للإمام الطاغية وأعوانه فنهره زيد المقولي: أسكت يامجنون تشتي تودينا في داهية لو يدرى مولانا الإمام بالكلام هذا مايطلع علينا صبح فرد محمد حسين: ولكنه في حجة والعسكر مابيسمعوناش فرد عبدالرحمن مجلي : ولكن معه جن بيوصلوا له الأخبار كلها أو أنتو مش عارفين فرد يحيى الكبسي: هجعونا أنتم والجن ذلحين...من طلب الجن ركضوه لا تذكروهم ماندرى إلا وهم قبالنا.....
عند خروج المصلين من الجامع اتفق أهل الحارة على الذهاب في الصباج إلى إسماعيل منصر لكي يزروا العاقل ومن معه لإنهم إن ذهبوا الان فسيجدوه نائما فعاد كل واحد إلى بيته وعاد قاسم مثنى إلى منزله وفتحت له زوجته الباب ودار بينهما هذا الحديث
-حيا وقوى بسيدي وعيني
-آه الله يحييش
-هيا مالك غاثي ماهو اللي غثاك
-مابلا عسكر الإمام شلو عاقل الحارة وبعض أهل الحارة بتهمة قتل العسكري مبخوت
-يوه مقتول في حارتنا ماهن هولا الأخبار اللي يفجعين الله يجيرنا بس وكيف باتفعلو الان
-الصباح بانروح أنا والفقية وبعض الرجال نسير نبسر القصة.. قد خبزتي وجهزتي الصبوح؟
-الصبوح جاهز شاسير أكمل الخبز
ودخل قاسم إلى غرفته التي تطل نافذتها على الحارة وقام بفتح النافذة وجلس بجانبها وفتح مصحفه القديم وبدأ يرتل القرآن فقرأ قليلا وفجأة توقف عن القراءة وبدأ يكلم نفسه بصوت مسموع: الله أعلم من قتل العسكري مبخوت وليش قتله وأيش مصلحته يحطه في حارتنا بالذات يمكن يكون إسماعيل منصر أو يمكن يده اليمنى محسن سرور لإنه يحقد على حارتنا من أيام أبوه لما طردوه من الحارة بسبب السرقة اللي سرقها.. وفي هذه الأثناء دخلت أبنته نورية وهي ممسكة بتنجرة الخبز في يدها فلما رأت أباها دقت على صدرها قائلة
-يوه .. مالك يابه تكلم نفسك
-هاه.. ولا شي ولا شي يالله سيري أدي الشاهي
استيقظ يحيى الكبسي من النوم وهمس في أذن العاقل .. عاقل عاقل هيا قومو زهدكم نوم هيا نسير نطلب الله بعد أعمالنا قد تأخرنا.. فبادر محمد حسين قائلا: أين عمل وأين طلي بتبسرنا مقيدين وإلا الجن بين عيونك .. فقوبل هذا الرد بالضحك من كل من كان في السجن وفي هذه الأثناء وصل قاسم مثنى وعبدالملك عثمان والفقية وغيرهم وطلبوا مقابلة إسماعيل منصر فذهب محسن سرور مساعده إليه وطرق باب غرفته طرقا خفيفا فأيقظته زوجته قائلة له بأن يرد على الباب فقام إسماعيل منصر بخطى متثاقلة وفتح الباب ودار بينه وبين محسن :
- هيا خير مابه
- مابلا بعض أهل الحارة جو يشتو يقابلوك ياسيدي
- إمم خلاص خليهم ينتظروا وأنا شاجي بعدك
قام إسماعيل ليرتدي ثيابه فسألته زوجته :
- خير أيش اللي حصل
- العسكري مبخوت لقيناه مقتول في الحارة المجاورة وحبسنا بعض أهل الحارة وذلحين جوا أصحابهم يبسروهم
- هه .. مقتول .. يوه والفعلة.. ومن قتله وليش؟
أنا با أعرف القاتل ومالش مهتمه بالموضوع؟
هه.. ولا شي ولا شي
دخل أهل الحارة على إسماعيل منصر فبادر قائلا:
- خير مابه .. فرد عليه قاسم مثنى
- مابلا جينا نبسر أهل حارتنا وندي لهم الصبوح
- ها.. لا تقلي إنك تشتي نخرجهم مابش خرجة إلا لوما ينتهي التحقيق
- ولكن أهل الحارة مالهمش ذنب سيروا دورو على القاتل
- كلمة زيادة با أدخلكم جنبهم .. ياعسكري جو شلو الصبوح وودوه للمساجين
رجع إسماعيل منصر إلى غرفته حيث أن السجن يقع في حوش بيته ولكنه سمع همسا يدور بين زوجته وشخص غريب مشى بخطى حذرة حتى لا يسمعه أحد قرب أذنه من الباب .. صعق من هول المفاجأة حيث سمع هذا الحديث بين محسن سرور وزوجته:
- ما هي هذه الفعلة اللي فعلت كيف تقتل الرجال؟
- كان ماتشتيني أفعل وقد أبسرني عندما خرجت من غرفتك .. ماكان به إلا هذا الخيار أمامي
- لكن ذلحين عتدخلنا في دوامة لو يدرى زوجي لا يقتلنا الإثنين
لم يصدق إسماعيل إذنيه ولكنها الحقيقة المرة فزوجته تخونه مع أقرب المقربين له وهو من دبر جريمة القتل هذه.. حاول إسماعيل أن يهدأ قليلا حتى لا يفتضح أمره بين الناس فرجع إلى مكان استقبال الضيوف وانتظر حتى عاد إليه محسن سرور وقد كان ينظر إليه بنظرات والشرر يتطاير من عينيه ودار بينهما هذا الحديث
- الآن ضروري نخرج أهل الحارة ونختار واحد يكون كبش فداء
- اللي تشوفه ياسيدي
- أسمع .. حمادي بائع الحبوب بيته أينما لقيتوا المقتول صح؟
- أيوه جنبها وهو مشهور بالسكر والعربدة
- خلاص تروحوا الآن تدوه وأدي شهود على نظرك وبا نقول إن هو اللي قتله وهو سكران وخرجوا المساجين الآن
- حاضر ياسيدي
جاء محسن سرور إلى أهل الحارة المسجونين وقال لهم : حظكم حالي لقد عرفنا القاتل وسنفرج عنكم الآن
قوبل هذا الخبر بالفرح من أهل الحارة حتى أنهم نسوا أن يسألوا من هو القاتل
ذهب محسن سرور مع بعض العسكر إلى منزل حمادي بائع الحبوب وكانوا يطرقون الباب بشدة فجاءت زوجة حمادي لتوقظه فلم يزل حتى تلك اللحظة نائما! فنزل حمادي ليفتح لهم الباب فلم يمهلوه حتى يتكلم فأخذوه إلى السجن وحكم بعدها بأسبوع بإعدام حمادي ونفذ فيه حكم الإعدام ...
وأختفى بعدها محسن سرور ثم ماتت بعدها زوجه إسماعيل منصر في ظروف غامضة!!